أحدث الصـــوتيات

الباب الخامس عشر  من كتاب النسائم المدنية في شرح القصيدة الخضرية،

دروس

الباب الخامس عشر  من كتاب النسائم المدنية في شرح القصيدة الخضرية،   “ورفع الجدار هو المروءة يافتى                وصنع المكارم في محبك والند”. يشير الشيخ إلى خلق كريم هو خلق المروءة والإحسان إلى من أحسن إليك ومن أساء إليك ، وقد وضح ذلك الخلق بالإشارة إلى ما فعله الخضر عليه السلام في قصته مع سيدنا موسى حينما مرا على قرية ووجدا فيها جدار بيت أوشك على السقوط والإنهيار فأصلحه ، رغم أنهم طلبوا طعاما من أهل هذه القرية فلم يطعموهم . واعلم أخي أن ذلك ليس سهلاً ميسورا ،فإن العدل قد يقتضي أن لا تحسن إلا لمن أحسن إليك ، لكن المروءة وخلق الأنبياء أن تحسن لمن أساء إليك ، كما فعل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع أهل الطائف حينما دعاهم لعبادة الله وحده وإلى الإسلام ، فآذوه ورموه بالحجارة حتى أدموا قدمه الشريف ، فيرسل الله إليه ملك الجبال ليقول له : إن أمرتني أطبق عليهم الأخشبين أي الجبلين لفعلت ، ولكن رسول الله يأبى ذلك ويعاملهم بالمروءة والرحمة ويقول : لا ، عسى أن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله ، اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون . واعلم أخي أن المرء إذا ما أسئ إليه وأوذي ، قامت عليه نفسه ودعته إلى الإنتصار لها ورد الإساءة بالإساءة والإنتقام لها ، ويقع فريسة لنفسه وهواها وللشياطين ، وهذا شأن أهل الغفلة المملوكين في أيدي نفوسهم وشياطينهم وأهواءهم ، لكن أهل المروءة والمريد الصادق تأبى عليه نفسه المؤمنة الصادقة المطمئنة أن تنساق وراء شهواتها والانتصار لها ، بل تدعوه نفسه تلك إلى الرحمة والغفران ومقابلة الإساءة بالإحسان . لذا فإن المروءة ومقابلة الإساءة بالإحسان من صفات عباد الرحمن ، ولذلك قال الفضيل بن عياض رحمه الله في تفسير قول الله ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) : إن جهل عليه سلم ، وإن أسئ إليه أحسن ، وإن حرم أعطى ، وإن قطع وصل . وهو من أفضل الفضائل إذ أثر عن النبي الكـريـم قـوله( من أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عمن شتمك) وهو علامة على حسن الخلق ، وإن العبد كما أخبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة . وقد أحسن من قال: ازرع جميلا ولو في غير موضعه فلن يضيع جميل أينما صنع. إن الجميل إذا طال الزمان به فليس يحصده إلا الذي زرع
Share This

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *