الشيخ ” جابر بغدادي ” يكتب عن التصوف في ضوء الكتاب والسنه

مقالات

فلقد أردت أن أصف التصوف بكلمة موجزة ، فهداني ربي وشرح صدري إلى أن أتأمل قول الله عزوجل (واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا).. فالحق هنا يأمر نبيه المزمل بالشمائل القدسية واللطائف الصمدانية والمعارف اللدنية والحقائق الفرقانية أن يتبتل إليه تبتيلامؤكدا ، فماهو التبتل ؟ (هو التخلي عن كل نقص والتحلي بكل كمال). فالتبتيل هو التصوف إن كان معناه “مفارقة السوى ومجاهدة الهوى ومجانبة الدعوى”. فالتبتل” هوإخلاص في المراد ، ودوام للوداد ،وزهد في العباد ، واستعداد للمعاد ، فمن تحقق به نزل منازل الإشهاد وجلس في حضرة الإسعاد. وقالوا بأن “التبتل هو الإنقطاع عن الخلق”لكنني أقول أنه إنقطاع القلب للرب في كل خلوة وجلوة فالكمال يقتضي أن تكون” غائبا عن الخلق في الحق ونائبا عن الحق في الخلق”. فقد تكون في خلوة والقلب تطارده جنود الوساوس ، وتكون في وهم الإنقطاع وأنت مع الخلق في اجتماع لأن القلب معلق بالناس والدنيا وطلب الكرامة ، فليس كل صاحب خلوة في خلوة ،إلا إذا جمع الله القلب في حضور مع الرب ، لذلك ليس هناك كرامة أعظم من أن يطويك وبحضرته يؤويك ،وأن يجمعك وفي وادي قدسه يودعك ،وأن يدريك وعن الخلق يواريك. والتبتل له ألوان عـدة
  • تبتل عن ظواهر الشهوات
  • تبتل مـن مواطن الغفلات
  • تبتل من رؤية الحسنات
  • تبتل من طلب الكرامات
ثم تبتل من شهود التبتل ، وشهود نقصك حيال كماله في كل الحالات وأوردنا في ياقوتة الوصاياأن(المحجوب وإن خل في خلوة فظلمة الاغيار لاتفارقه ،والمحبوب وإن كان بين الخلق فروحه في محيط الشهود غارقه). فلذلك قال واذكر اسم ربك ولم يقل ذكراولكن لما قال تبتل لزم أن يكون تبتلا مؤكدا حقيقيا ،والسر في ذلك أنه أمره أن يذكر الإسم الذي فتح به من حضرة الربوبية بالإنعام على مظاهر عبوديته في كل مقام ، مما دعاه أن يقيم في مقام شكر امتنان أفلا أكون عبدا شكورا ، لذلكدعاه أن يذكر مواهب الربوبية ولطائف الرحمانية والعطايا اللدنية حيث أمره أن يسبح في بحار الذكر والشكر لما هو غريقه من محيط الإنعام الإلهى ، ولكن ذكر عبد تطهـر مـراده لمـريـده وتطهـر عن شهود نفسه في حضور مشهوده ، وتخلىعن كل نقص وتحلى بكماالت مشهوده.وذلك لدوام البقاء في قدس نور(قد أفلح من تزكى وذكراسم ربه فصلى).لأن التصوف هو تحقيق الخلة والتجرد من كل عله. ” والله أعلم”  
Share This

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *